الخميس، 19 فبراير 2009

ديموقراطية الصراخ ...

هل الصراخ دليل على الحرية ؟؟؟
إن من يملك الفعل يفعل , في الواقع لا يصرخ سوى المكبل ...
ونحن مكبلون ... أكبال تحيط بأعناقنا وأيدينا وأرجلنا ...
فعنقنا مكبل بحيث إن أردت تحريره اختنقت ...
نحن فقط نملك ما يجعلنا نعيش ... وربما نمرض قليلا ... ولكي تملك ماهو أكثر عليك أن تتخلى قليلا عن مبادئك ... حينها تستبدل القيد بقيود ... فلن تملك وقتها الاعتراض على الفساد وقد صرت من رواده !!!!
ويدانا مكبلتان فإن أردت تحريكهما فشلت ...
هو قيد الخوف ... الخوف الذي تغذيه الشائعات والقصص المفزعة عن أسطورة الأمن الذي لا يقهر والذي رجاله بلا قلب ...
الخوف على من تحب ... والخوف على ما تحب بداخلك أن يتعرض للإنتهاك بما يفوق قدرتك على التحمل ....
لقد سمعت أحدهم يقول يوما أن الأمن يتنصت على هواتفنا الخلوية وهي مغلقة !!!!
دعك من أن الأمر مستحيل تقنيا ... فالمفزع في الأمر أننا نشعر بكل هذا الكم من الحصار والقدرة لرجال الأمن لدرجة تجعلنا نصدق مثل هذا ....
هناك قيد آخر لأقدامنا فإن حاولت السير أعاقك ....
إنه الإلهاء .... حيث تغذي وسائل الإعلام بشدة أشياء بعينها كمسابقات كرة القدم والقضايا الموسمية التي لا تهم إلا أصحابها في الواقع ... فتجد البرامج الحوارية تتحدث بكثافة وتغطية مهولة عن مقتل فنانة لم يعرفها كثير منا إلا بخبر موتها ...
ومسابقات كرة القدم التي صارت صناعة هائلة يستفيد منها قطاع هائل أيضا من الناس دون جهد يذكر ... فيكفيك بعض الذكاء والعلاقات لتصبح معلقا رياضايا أو حتى محللا ....
ومن الاستفادة يأتي الاهتمام و يزداد قيد الإلهاء إحكاما ......
ليس الأمر إيمانا بنظرية المؤامرة .... ولا هو محاولة للتظاهر بالذكاء ..... ولكنه تساؤل كبير وقوي ....
بل في الواقع.... هو نوع آخر من الصراخ .... حتى هذه الكلمات هي تنويع آخر على الصراخ ... صراخ المكبل ....

الاثنين، 9 فبراير 2009

طلبا للتدرب على استمرارية الكتابة وإيجاد منفذ منتظم للتعبير عن وجهة نظري وتفعيل المدونة بشكل أفضل ... قررت كتابة مقال دوري ثابت في المدونة ...وليكن بشكل أسبوعي ... لا شئ بسيط ... هذا سيكون العنوان سأناقش كل شئ مهما بدا بسيطا أو تافها في أعيننا وأحلل تأثيره الحقيقي من وجهة نظري ومن أمثلة واقعية شهدتها .... ليس ذلك معناه فقط مناقشة هذه الأمور بل كل شئ البسيط والكبير ... الفكرة أن لا شىء مهما بدا صغيرا يمكن إهمال تأثيره أو حجمه وبالتالي من الأولى مناقشة ما نراه مهما وكبيرا ... وسأبدأ بأول مقال ...
______________________________________________________________________
الاستمتاع ... هل هو ترف ؟؟ هل هو حق ؟؟ هل يحق له أن يكون هدفا ؟؟ حين تجد نفسك تشاهد فيلما ما أو تقرأ شيئا ما لمجرد الاستمتاع ... قد تشعر أن ذلك مضيعة للوقت وقد تظن أن الاستمتاع المجرد لا يجب أن يكون غاية وأن هدف ما لابد أن يولد من بين دفات الكتاب أو مع صور الشاشة ليصل بك لمكان ما يختلف عما بدأت فيه ... وكأن عطش الاستمتاع الذي بداخلنا ذلك لا يحق له في الارتواء , وكأن الإنسان اتى هذه الدنيا في مهمة ثقيلة يريد الانتهاء منها كأسرع ما يكون ... فهل تعلم أن ما يدلك على الهدف الحقيقي من هذه الحياة هو الاستمتاع ؟؟؟ تأمل كل مواقف الحياة ... بل تأمل كل ما فيها ... إن كل ما نفعل يهدف في نهاية الأمر لأن نستمتع بالرضا عن أنفسنا ... حتى حين نساعد الآخرين نساعدهم لأننا نريد أن (نشعر ) بأن لنا أهمية في حياتهم ... نريد أن نستمتع برضانا عن أنفسنا حين ندرك أن لنا دور في حياة هؤلاء الناس ... نتعبد ونحافظ على الفروض لأننا نهدف إلى الإستمتاع في النهاية بالجنة ... بل والأتقياء يريدون متعة القرب من الخالق أو متعة حب الخالق ... متعة الرضا عن النفس حين نشعر أننا مختارين أو مخصوصين ... نتزوج للإستمتاع برؤية كيان يتكون بأيدينا وينتج أطفالا نرى فيهم إنجازنا فيمتعنا رضانا عن ذلك الإنجاز .... نعمل لنشعر بمتع عدة ... متعة الإنجاز حين نرى ما ينتجه عملنا , متعة القيمة حين نحصل على مقابل سواء مادي أو معنوي مقابل هذا العمل , متعة الشعور بالتفوق حين نترقى أو نتميز في هذا العمل .... نتعلم لنحصل على متعة كشف المجهول واختراقه , وأحيانا أيضا للإحساس بمتعة التفوق أو الإنجاز , وربما لتجنب الشعور بالخزي أو عدم المساواة بالآخرين فنستمتع بكوننا تجنبنا هذا الأمر , نستمتع بالارتياح ... حتى أكثر الناس إيثارا تجدهم مستمتعين بذلك , أكثر الناس حزنا حين يستغرقون فيه يستعذبونه ... ألم يخلق الله لنا الدنيا جميلة لنستمتع بمشاهدتها ؟؟؟ ألم يخلق لنا حاسة تذوق إنتقائية تستمتع بالطعام اللذيذ ؟؟ الحياة الخاصة للأزواج تحمل متعة فريدة , وكل ذلك يكون كيان متناغم من الاستمتاع يحمل في مجمله الهدف والفكرة الأساسية للإنسان ... تجد أنك إذا ظللت تبحث عن متعة في شكل واحد دون الآخرين فإنك تمل في النهاية , فهدف الإستمتاع الكلي لا تصل له سوى بمجموع أجزاء المتع الصغيرة المتجاورة , ولن تجد ذلك الكيان الاستمتاعي مالم تحسن ضبط بوصلة ذاتك بشكل صحيح , ولهذا السبب وضع الله لنا قواعد محددة لإيجاد هذا الاستمتاع ... أنظر لفروض الإسلام الخمسة مثلا ... الصلاة تحقق لك المتعة والإشباع الروحي الذي يوجد في ذاتك عطش تلقائي له , كما أنها تفي بالإستمتاع بالانتظام والإنجاز ... الزكاة تنطوي على استمتاعك بإفادة الآخرين وشعورك بفائدتك وقيمتك ... الصيام يمتعك بالإحساس بالقوة والتحكم والرقي ... الحج يحمل الكثير من المتع , ككشف المجهول والتعلم بالسفر , المتع الروحية العديدة التي تتركز بوجود الآلاف من المتشاركين في شعور واحد في آن واحد , الإستمتاع بالتواصل والاتصال بثقافات وأفكار أخرى , وغير ذلك كثير .... الشهادتان تحملان قدرا كبيرا من الاستمتاع بالانتماء , وتجسيد وتفعيل الشعور , جرب أن تفكر في الشهادتين لفترة حتى يملأك معناهما , ثم قلهم بقوة وكررهما بذات القوة أكثر من مرة , هل تشعر بتلك المتعة والحماس يملأ جسدك؟؟ تخيل لو أنها المرة الأولى التي تنطق بهما وأنت حالا تعتنق الإسلام , ألا تجد نفسك تريد فعلا الكثير من الأشياء بحماس كبير ؟ لقد خلقنا الله ووضع فينا الإستمتاع كمفتاح لمعنى الحياة , ووضع بداخلنا ما يدلنا على منظومة الإستمتاع الكبرى التي تحقق لنا أقصى درجاته وأفضلها ... فاحرص على أن تستمتع بكل لحظة في حياتك ... فهذا هو مفتاحها وجوهرها ....