الجمعة، 4 مارس 2011

يوم آخر من الشقاء ....

استيقظت – بافتراض نومي أصلا – شاعرا بشئ من الضيق ... لا لشئ سوى أنني وجدت أن وقتا طويلا بيني وبين موعد نزولي ... والمكوث في المنزل كل ذلك الوقت دون شئ محدد لأفعله يجعلني أفكر ... الأمر الذي يجعلني أنزل متعكر المزاج كالعادة ...

فماذا لدي لأفكر فيه سوى حواري المعتاد مع ذاتي التي لا تمل تأنيبي .. وكأن حياتي ملكي أو ظروفي رهن قراراتي ... وتتعمد دائما تذكيري بحلمي الذي خلفته منذ عدة سنوات خلف تلال من الحياة اليومية الرتيبة التي لا جديد فيها في عمل لا يناسبني أحاول فيه أن أوفر ما يكفيني ... وقد صار حلم الزواج بعيدا , وحلم الرجل الميسور الحال المثقف ذو المكانة الاجتماعية والأدبية .... كل ذلك ينوء بحمل الأيام الثقيلة التي تمر فقط لتمر .... هي حياة تمر .. وفقط ... وليتها تنتهي!!!!

كفى .....

سأقف في الشرفة قليلا ... عل ذلك يوقف أفكاري ... علي أرى ما يشغلني ....

أخذت كوب الشاي وخرجت إلى الشرفة .... كانت جارتي تنشر كعادتها ومعا ابنتها الصغرى متعلقة بها, ابتسمت لها متصنعا ومحييا , وسألتها دون اهتمام حقيقي عن زوجها وما إلى ذلك ....

شرفتانا متلاصقتان تقريبا يفصل بينهما نصف متر على الأكثر ...

الطابق السابع هو لذا أرى الدنيا بوضوح ...

ها هو فتى آخر منخدع بلحظات السعادة الحمقاء التي تتركها له نظرة من فتاة مراهقة ما ... وكأن الحياة ستمهله ليرى حلمه واقعا ....

وها هو المقهى يفتح أبوابه مستقبلا رواده من العاطلين والطلبة الذين صارت مدرستهم حجة خروج لا أكثر ....

يوم آخر معتاد ... لا شئ غريب ....

التفت بتلقائية لجارتي لأحييها قبل أن أدخل فلم أجدها وكدت أدخل بالفعل لولا ....

تلك المهملة ... لقد تركت ابنتها الصغرى ذات الخمس سنوات تلهو وحدها في شرفة منخفضة السور في الطابق السابع ... أي أم تلك !!!!

أخذت أناديها دون جدوى .. لا تسمع ...

اللعنة ... الطفلة تعتلي الكرسي الصغير ....

نظرت لها محذرا .... فضاحكتني ملاعبة ....

أخذت أصرخ مناديا على أمها ....

لا رد ....

الطفلة اعتلت الكرسي ....

بعيدة عن متناولي ... تنظر لي وتضحك .... جسدها الآن يتدلى خارج نطاق السور ....

يا إلهي .... أخذت أحاول الوصول إليها بلا جدوى ...

مزيد من صراخي لأمها ... أيضا بلا جدوى ....

الطفلة تتأرجح بالمقعد .... يكاد يخونها ... تضحك غير واعية بالخطر الوشيك ... أكد أقفز .... لا حل سوى أن أفعل ....

الحديد المحيط بالسور سيعوقني عن العبور إليها ... الأحمق يظن نفسه يحمي منزله من اللصوص بهذا الشئ الأحمق ... لا وقت ... سأقفز إليها ...

نظرت لأسفل ... يا إلهي ... المسافة بعيدة جدا ...

الطفلة تنظر لي ... تظنني ألعابها فتزداد حركتها ... كأنها تهرب مني ... توقفي أرجوكي هذا كاف لتسقطي ... اضطررت أن اتوقف مكاني لكي تتوقف بدورها ....

مسافة قصيرة تفصلني عنها ... الناس في الأسفل ينظرون ويقرعون الأجراس دون جدوى ... لابد أن الأم أصابها شئ ما .... الطفلة تنظر لي منتظرة حركتي التالية وقلبي يخفق بشدة ... أشعر بخفقاته تدفعني دفعا وتكاد تسقطني .....

يا إلهي ... إنها تتحرك ستسقط ... لا جدوى لابد أن أقفز ... ولكن ...

لا ... لا يوجد لكن ستسقط ....

نظرت لي ... تلاقت عينانا .... عيناها تضحك وهي لا تعي ما يحدث ... فقدت توازنها .... تحولت الضحكة لنظرة ذعر ... قفزت لأمسك بها ......

.................................

ليست هناك تعليقات: