الاثنين، 23 يونيو 2008

ماذا سأفعل .... ؟

ماذا سأفعل؟؟؟؟
كان هذا هو شكل مخيلتي... ماذا سأفعل كبيرة ... طاغية ... حائرة ....
كنت جالسا على اريكة خشبية متهالكة ... انظر الى الجدار المقابل نظرة ثابتة لا ترى ... تنازع هائل بداخلي ...
انفتح الباب ... واطل الشرطي ...
- محمد ابراهيم السيد .
اجاب احدهم:
- افندم.
- حضرة الظابط عاوزك .
- حاضر.
انقطعت افكاري لثوان .. ولكنها ما لبثت ان عادت تعصف بداخلي ... اخذت استرجع ما حدث ....
تذكرت كيف كانت بداية اليوم مشجعة ...
كان لدي ذلك الموعد الذي كنت اترقبه ربما منذ بداية الشهر مع رئيس تحرير تلك الجريدة الشهيرة , والذي بالنسبة لي كان بمثابة بداية تحقيق حلم تقت له ...
خطوت باقدام مابين واثقة و خائفة ... دخلت من الباب لأجد مديرة مكتبه تنظر لي نظرة متسائلة ... فقلت:
-أ..أنا عندي ميعاد مع الأستاذ ...
- اسم حضرتك ؟
-حسام.. حسام البدري ...
- اه .. اهلا يا استاذ حسام .. اتفضل .. دقيقتين وهتدخل للأستاذ ...
كان صوتها مميزا ... علقت نبراته فورا بذاكرتي ...
طال الوقت عن الدقيقتين بخمسة عشر ... فتنحنحت بصوت مسموع ... ثم سعلت ... ولكن ذلك كله لم يفلح ... فخاطبتها مباشرة :
- لسا ؟
خرجت مبحوحة قليلا ... فلم تسمعها
- نعم؟؟
- بقول لحضرتك يعني .. لسا الاستاذ مفضيش؟؟؟
- انا اسفة .. حضرتك قلتلي اسم حضرتك ايه؟
بصوت لا يكاد يسمع .. اجبتها ...
فقامت .. دخلت مكتب الاستاذ .. عادت بعد لحظات وقالت :
- اتفضل يا استاذ حسام .. الاستاذ مستنيك
قمت وانا اشعر بالعرق ينبت على جبيني ... وزاد الامر سوءا التكييف داخل المكتب ... فتحول عرقي الى البرودة وارتباكي اشعروني بأن تفكيري ذاته قد تجمد ...
خطوت خطوتين ... نظرت له منتظرا ان يقول لي ما يجعلني اجلس ... كان منهمكا في بعض الاوراق .. كان اكثر ما لفت انتباهي كثرة الشعر الابيض في رأسه وفخامة المكتب .... فوضعه وهو يقرأ جعل رأسه واضحة لي ... وطاقم مكتبه الذهبي او المذهب يبين بوضوح مدى فخامة المكتب ....
نظر لي من فوق نظارات القراءة وقال لي :
- اتفضل ...
فجلست ... وعاد هو لأوراقه ... وعدت انا لجلسة شبيهة بجلستي خارج المكتب .... هذه المرة لم اجرؤ على ابداء مللي ....
ظل الوضع كذلك لمدة عشر دقائق ... ثم ترك الورق والتفت الي .....
- حضرتك قلتلي اسم حضرتك ايه ؟؟؟
عندها ... تداخلت فكرتان بداخلي ... هذه المعاملة متعمدة قطعا .... فهل سأرضى بذلك ؟..
وتنازعتها فكرة ان فرصة العمر امامي .... لابد ان انتهزها ...
بين هذا وذاك .... خرج صوتي الجريح ينطق حروف اسمي التي تتساقط منها كرامتي لتتبعثر على سجاد مكتبه الفخم .....
هنا .... رن جرس الهاتف .... فنظر لي نصف نظرة واشار اشارة تعبر عن الاستئذان ....
اجاب الهاتف :
- ايوة ...
وجدته انزوى .... اخذ يهمس ... تناثرت بضع كلمات ...
- ....... دانا احرقه ...... بص انتا ت....... لا طبعا .. مترحموش .....
كلمات ... جعلت جسدي يقشعر ....
عاد ينظر الي ... كان الانفعال باد على وجهه ... نظرات عيناه ....
لم يتفوه احدنا بشىء لخمس دقائق اخرى ... ثم طرقات على الباب ... دخلت مديرة مكتبه ... تجاوزت مساحة المكتب في خطوات واسعة .... انحنت تهمس في اذنه بكلمات مختصرة .... قام على عجل وقال لي ....
- انا اسف جدا يا استاذ عصام .... بس فيه حاجة مهمة ولازم انزل حالا ......... حضرتك تقدر تستريح فالكافيتيريا .... وانا بالكتير نص ساعة وهكون مع حضرتك ...
لم تمهلني ذاتي ان اصحح الاسم .... بقايا كرامتي حجمت لساني ... لم افعل سوى ان تركت مكتبه لا انوي شيئا محددا ... ثم قررت ان انتظره .... نحن في اول النهار وهو بالتأكيد سيعود ... سأنتظر ....
جلست في الكافيتريا ومعان كثيرة تختلط في رأسي ....
عادت لمخيلتي الكلمات المتناثرة اثناء حواره فالهاتف.... حاولت ايجاد معنا ما لكلماته ... ولكنني لم اجد مشهدا واحدا في مخيلتي يضع هذه الكلمات على لسان صحفي ....
مرت ساعة كاملة .... ثم حدث ماكنت قد يأست منه ... لقد عاد ....
عاد .... والانتشاء والظفر يعمان وجهه .... راني ... دهش لثوان .... ثم عادت ابتسامة كبيرة تملأ وجهه .. وناداني ...
لا ادري لم غمرني شعور بالقلق ازاء حالته .... اشار لي ان اتبعه الى المكتب ... ففعلت ..
وجلس ... واشار لي ان افعل .... ثم هم بمخاطبتي ... حين سمعنا صياح خارج المكتب ... ميزت فيه صوت مديرة مكتبه ....
انفتح باب المكتب بعنف .....
دخل شاب .. مبعثر الثياب .. محمر الوجه ... الغضب والارهاق يتبادلان تلوين وجهه .... اخذ وجهه جل اهتمامي حتى انني لم الحظ ما كان في يده ... لم افهم لثوان لم تصرخ مديرة المكتب بذلك العنف .... لم اصدق ما ارى حين دفعها الشاب خارج المكتب ... اغلق الباب ... رفع مسدسا واطلق عدد من الطلقات على رئيس التحرير ... ارتميت على الارض ..... مديرة المكتب بصوتها المميز تصرخ .. وتصرخ ... افراد الامن يهرعون .... الفتى مازال يطلق الرصاص حتى فرغ المسدس .... انقض عليه رجال الامن .... ومازالت تصرخ .....
انتزعني من افكاري صوت الشرطي ....
- حسام حسن البدري .... حساااام حسن البدري ...
انتبهت ... اجبته ...
- افندم ...
- انتا نايم يا حضرت ولا ايه ؟؟ .. اتفضل ... حضرة الظابط عايزك ....
قمت ... ونبضات قلبي تتسارع .... والعرق ينبت على جبيني .... ورأسي يتحول الى حلبة مصارعة ....
يتصارع صوتان ... احدهما يقول ان شهادتي هي الوحيدة التي قد تبرئ ذلك الفتى.. أو تقتله ... صوت اخر يتمثل في صراخ بصوت مألوف .. مميز ... عالق في ذهني ....
ولكن شيئا واحدا طغى على مخيلتي حين خطوت داخلا ... سؤال واحد عاد ليبقى .....
ماذا سأفعل ؟؟ ....

هناك تعليقان (2):

Abu Shahin يقول...

رهيبة يا بنى والله
انت مشروع قاص هايل جدا

vepoo يقول...

معندكش فكرة رأيك واهتمامك مهمين بالنسبة ليا قد ايه ....
الف شكر ....