الاثنين، 23 يونيو 2008

قرار ....

توقفت الكلمات ولم تخرج .......
لم ادر حقا ما منعها ... كلمتان يخلصاني من ذلك الكابوس الذي تحملته لسنوات طوال .. وقد انتهى دوري ... فلم يعد من داع للاستمرار بلا هدف ... فقط العذاب اليومي...
لم افكر قط بشكل جدي من المخطئ.... دائما انا ادافع عن كرامتي الجريحة ... رجولتي المهدرة ..
الان فقط بلغ الامر ذروته... ولم يعد تحمل المزيد ممكنا... يكفي هذا ...
كيف ولم وبأي شكل يمكن ان يعيش زوجان لا يربطهما شئ ويجتمعان فقط على تبادل عدم الاحترام؟؟؟
اخذت استرجع الامر منذ بدايته ....
كان زواجا تقليديا كما يسمونه هذه الايام .... تعرفتها من خلال اسرتي التي (رتبت) مصادفة لنا لنتقابل ... بالتحديد امي هي من فعلت ... لم اجد ما يعيبها ولكنني ايضا لم اجد ما يميزها... كنت وقتها قد عدت حديثا من جيش استمر خمس سنوات ... شهدت حربا ... وعشت في تلك السنوات الخمسة كابوسا مجسما للمعاناة والقهر ... لذا اقتصرت فرحتي بالنصر على ساعات ... عدت بعدها لاحاول لملمة اشلاء حياتي التي بعثرتها تلك الفترة .... فاقدا معنى الحب وسط معان كثيرة فقدتها ...
خطوبة .... ايام عذبة اخذت فيها اسبر اغوار تلك الفتاة ذات التسعة عشر عاما والتي لم تعرف عن الدنيا الكثير بعد ... كانت اثارة انبهارها تعد متعتي العظمى ... فانا بالنسبة لها كيانا ضخما مهيبا رأى وخبر كل شئ ... وتم الزواج .... حمل ... انجاب ...
منذ الاشهر الاولى عرفنا اننا مختلفان ... ومع نهاية السنة الاولى ادركنا يقينا انها كانت غلطة كبرى ... ولكن هيهات ... لقد فات اوان الاصلاح ... لقد رزقنا بطفل كرباط مستحيل الكسر...
طفلة كانت للدقة ...
- ازاي بنتكو هتعيش وابوها وامها متطلقين؟ .. انتو جايين دلوقتي تقرروا القرار ده .. كان من زمان ..
- ايوة بس العيشة مابينا بقيت مستحيلة ... ازاي هنعيش على طول فخناق وخلاف؟؟؟ مش فاهمين بعض ومش هنفهم ....
- دي غلطتكم ... المهم شكلكو قدام بنتكو وقدام الناس ....
وقد كان ... لم ننفصل ... وكذلك لم نفعل حين تكرر الامر بعدها بخمس سنوات ... هذه المرة كان الرباط قد تضاعف ...
ومرت سنوات اخرى .... تكررت الذروة التي كنا نكاد فيها ننهي كل شئ دون اي اعتبارات ...
ولكن اخر لحظة كانت تغير القرار دائما ... للحق لم تكن سنوات كلها سيئة ... في اوقات متفرقة صعب تذكرها كانت تجمعنا لحظات قليلة من الانسجام ... ربما لفرط ما شعرنا بالتباعد ولضرورة عدم الانفصال .. كنا نحاول ان نجد شيئا ما ... ولكنه ابدا لم يدم ....
مرت علينا اوقات صعبة ... حين حان زواج البنت الاولى .. اقترضنا .. بعنا ... طرقنا كل باب ... وكان شجارنا وقتها يوميا تقريبا ...
- انتا كدة ... على طول رامي الحمل عليا ... على طول بتقولي اتصرفي وانتا فين؟؟؟
- انا هعمل ايه اكتر من الي بعمله؟؟؟ فلوسي كلها واديتهالك ... كل الي اقدر استلف منهم رحتلهم ... معنديش حاجة اصلا عشان ابيعها ....
- اتصرف ... المفروض انك انتا فالظروف دي الي تتصرف ... ولا المفروض انزل انا اتصرف؟؟؟
وكنا ندور في هذه الدائرة المغلقة ... حتى تزوجت .... وتكرر الامر بتفاصيله مع البنت الصغرى...
ثم حان وقت تقاعدي .... الطامة الكبرى ... الاعلان الرسمي انني صرت منتهي الصلاحية ... والاصبع الذي يلفت نظري انه حان موعد ازمة منتصف العمر .... وقد كان ....
شعور بالفراغ القاتل ... الوحدة .... مطلق الغربة .....
احساس بأنني في المنحنى الاخير ... لم يعد هناك مايفصلني عن النهاية .... صرت اراها ....
كان الجميع يضيقون بي ... كنت اشعر ذلك واضحا ... حتى في اشياء بسيطة ...
- سايبة النور ده منور من غير لازمة ليه؟؟؟ .. وترجعي تقولي فاتورة الكهربا ...
- طيب ماتطفيه ....
- مانا طفيته بس بعد كدة متسيبيهوش منور من غير لازمة ...
- والنبي انتا فايق ورايق ...
- انا غلطان ... اعملو الي انتو عاوزينو .. بس متجيش بعد كدة تشتكي ....
- هو يعني انا لما بشتكي انتا بتعمل ايه ؟؟؟
- قصدك ايه ؟؟.. معدش ليا لازمة ... قاعد بتكلم وخلاص؟؟
وتبدأ المعركة .... وتتغير شدتها على حسب حالتنا المزاجية اصلا ...
ولكن هذه المرة ... لم اتحمل كلماتها ... لم اعد استطيع .... وجدت الضغط يصل الى اقصى مداه ... وكاد الانفجار ان يحدث بكلمتين ... صعدا الى ذهني وكادا ينتقلا الى لساني ... كدت انطقها ...
-انتي طالق ..
ولكنني لم افعل ... حقا لا ادري لم؟ .. لم يعد من داع للضغط على نفسي اكثر ... لم يعد هناك مايدفعنا للاستمرار...
وكأن القرار لم يعد في مقدوري اصلا ... وكأن ارادة هذا القرار مستقلة عن ارادتي ولا تكفي رغبتي فقط لتنفيذه....
نظرت لها نظرة طويلة .... هي ذاتها لم تفهم مغزاه ... واكون كاذبا لو قلت انني انا نفسي استطيع ان اقوله .... هو مزيج بين مشاعر ومعاني كثيرة بداخلي ....
وتركتها دون كلمة واحدة ... ودخلت لأنام.....

هناك تعليقان (2):

Abu Shahin يقول...

[جميلة جدا جدا جدا
وممتعة لاقصى درجات الامتاع

وفعلا اللى ماتخذش قرار زى ده من زمان يبقى صعب عليه فعلا ياخده دلوقتى ويبقى هو اللى دمر حياته بايده .. نهاية موفقة جدا

vepoo يقول...

شكرا يا أبو شاهين على تعليقك ....
وأخيرا جبت رجل حد منكم هنا يا بتوع عيش وحلاوة ..... :)